برعاية كريمة من معالي أ.د / محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وترسيخا لمبادئ المواطنة وغرسا لروح الولاء ، أقيمت الحلقة التاسعة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ، مساء يوم الأربعاء 7 / 6 / 2017م بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) تحت عنوان: ” إعلاء قيمة القانون وأثر ذلك في تحقيق العدل ” ، وحاضر فيها : معالي المستشار/ عمر مروان وزير الشئون البرلمانية ، و أ.د/ محمد الشحات الجندي أمين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق ، وأدار اللقاء سيادة النائب الإعلامي أ/ أحمد همام عضو لجنة الشئون الدينة بمجلس النواب ، بحضور أ.د/ أحمد عجيبة الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، و د/ محمد عزت منسق الملتقى ، ولفيف من شباب الدعاة بالوزارة ، وجمع غفير من المشاهدين والسادة الإعلاميين.
وقد استهل اللقاء النائب الإعلامي أ/ أحمد همام عضو لجنة الشئون الدينة بمجلس النواب بالثناء على إعادة الملتقى الذي تأتي إقامته تأكيدا على مدى الأمن والأمان والاستقرار ، مؤكدا أن مصر بلد الأمن والأمان وستظل بإذن الله تعالى ، مستشهدا بقول الله تعالى على لسان يوسف (عليه السلام) : ( ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) .
وقد أكد في مقدمته أن إعلاء القانون يكمن في احترامه ، ويجب تطبيقه على الجميع دون تفرقة أو تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس ، وأن حضارة مصر وتاريخها مبنيان على العدل والقانون ، وأن العدل صمام الأمان للأفراد والمجتمعات والأمم والشعوب ، كما أكد سيادته على أهمية تطبيق القانون على الجميع دون تفرقة أو تمييز على أساس الدين ، أو اللون ، أو الجنس ، أو العرق.
وفي كلمته أكد معالي المستشار/ عمر مروان وزير الشئون البرلمانية أن دولة القانون هي دولة المؤسسات ، وهي دولة قوية حكمها رشيد ، وتتسم بالعدالة والحريات وتراعي جميع حقوق الإنسان ، مشيرًا إلى أن الدولة لابد وأن يوجد بها قانون ، وسلطة حاكمة تنظم العلاقات بين أفراد الشعب دون تمييز بين فئة وأخرى على أساس من الدين ، أو اللون ، أو الجنس ، فالقانون له دور عظيم ومهم في ضبط سلوك الأفراد في المجتمع .
وأوضح سيادته أن القانون يمثل العدل ، وليس معنى وجوده يستلزم وجود العدل ، فهناك قانون قمعي يقيد حريات الناس ، فالعبرة بوجود مضمون للقانون يطبق العدل ويحققه للجميع دون استثناء.
كما أكد سيادته أن الدستور به مواد تقرر الحقوق وتبين الواجبات وتلزم المواطنين بها ، موضحا أن مواد الدستور يجب أن تفعل وأن تطبق ، مشيرًا إلى أن هذا التطبيق ليس مسئولية الدولة وحدها ، بل إن الأفراد والأسر عليهم دور مهم في إعلاء سيادة القانون ، فعلينا أن نكون مقتنعين من داخلنا بهذا التطبيق ، حتى تتحقق قيمة المواطنة التي تعني أن الجميع لهم حق التمتع بالحقوق وعليهم نفس الواجبات المنصوص عليها في الدستور الذي لا يفرق بين مسلم ومسيحي ، فحق المواطنة يساوي بين الجميع ودولة القانون هي دولة يأمن فيها الوطن ويطمئن فيها المواطن .
ومن جانبه أشار أ.د/ محمد الشحات الجندي أمين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق إلى أن عودة هذا الملتقى بزخمه وفعالياته يؤكد أن مصر واحة الأمن والأمان ، مؤكدًا أن سيادة القانون تعني خضوع الجميع له حكاما ومحكومين ، مشيرًا إلى أن الدولة الإسلامية قد عرفت هذه السيادة منذ ولادتها ، فصحيفة المدينة التي وضعها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) قد طبقت على المسلمين وعلى اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة معهم ، وقد أسس رسولنا (صلى الله عليه وسلم) فيها مبدأ التسامح والتعايش بين جميع طوائف البشر ، من خلال المبادئ التي تحقق العدالة المطلقة ، والمساواة التامة بينهم جميعًا ، حيث جعل لغير المسلمين ما جعله للمسلمين من الحقوق والواجبات ، فقد اشتملت هذه الوثيقة على ( أَنَّ يَهُودَ المدينة أُمَّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ دِينُهُمْ، مَوَالِيهُمْ ، وَأَنْفُسُهُمْ ) .
وأوضح سيادته أن الشريعة الإسلامية تربي ضمير الإنسان ، وأن الدين الإسلامي الذي يتكون من شريعة وعقيدة وأخلاق يقول لنا : إن العبادة والمعاملة كل منهما يكمل الآخر .
وفي ختام كلمته أكد سيادته على أنه يجب أن يطبق القانون بقاعدة عامة لا تمييز فيها لأحد على أحد ، مشيرًا إلى أن هذا التطبيق يجب أن يكون بوازع من ضمائرنا قبل أن يكون من جهة السلطة الحاكمة ، فقد أعلى الإسلام من شأن العدل ، وقد جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) مكانة الإمام العادل في مقدمة السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : (سَبْعَة يُظِلّهُمْ اللَّه فِي ظِلّه يَوْم لَا ظِلّ إِلَّا ظِلّه : إِمَام عَادِل , وَشَابّ نَشَأَ فِي عِبَادَة اللَّه , وَرَجُل قَلْبه مُعَلَّق فِي الْمَسَاجِد , وَرَجُلَانِ تَحَابًّا فِي اللَّه : اِجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ , وَرَجُل دَعَتْهُ اِمْرَأَة ذَات مَنْصِب وَجَمَال , فَقَالَ : إِنِّي أَخَاف اللَّه , وَرَجُل تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَم شِمَاله مَا تُنْفِق يَمِينه , وَرَجُل ذَكَرَ اللَّه خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) .
وقد ختم سيادة النائب / أحمد همام اللقاء بشكر الضيفين الكريمين معقبا بأن الشريعة والقانون لا ينفصمان ولا يتعارضان ولا يتناقضان ، فالقانون أحد أهم ثمار الاجتهاد الذي هو مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية ، وأن باب الاجتهاد سيظل مفتوحا يعالج مستجدات الحياة إلى أن يرث الله (عز وجل) الأرض ومن عليها ، فباب الاجتهاد لم يغلق ، ولن يغلق ، لأن الله (عز وجل) لم يخص به قوما دون قوم ، أو زمانا دون زمان ، ثم أنهى حديثه داعيا أن يجعل الله مصر أمنا أمانا ، وأن يديم عليها نعمة الاستقرار ، وسائر بلاد العالمين.